Sep 14, 2013

من صومعتي العالية

لأن في موسيقى الطائرات .. عزفا سحريا يحرك مشاعري
كأنشودة المطر .. وسحر الزهور ...
الطيران صومعة سحرية لا أملها ...

جمعت هنا خرابيش كتبتها على مر الرحلات ...
وعلى متن طائرات لا أتذكر اليوم وجهتها أو لون مقاعدها







تبدأ الطائرة بالتسارع ... تختفي الأصوات ...
يسد الغيم الابيض أذني ... حتى الا صوت ..
وأبدأ بالطفو ... نحو السماء ...
يبدأ العالم بالتصاغر ... يختفي البشر ... وتبدو قمم البنايات كالعلب الصغيرة ..
شيئا فشيئ .. حتى يختفي كل شيء
يلفني السحاب .. بالكامل ..
لأبقى أنا .. مع غيمتي الوردية ...
وكما الأحلام ... وحكايات الاطفال
تبدأ روحي الشفافة .. بالرقص فوق الغيوم ..
القفز من غيمة الى غيمة ... و التزحلق على قوس قزح ...
حتى التعب
ثم توسد غيمتي الصغيرة .. المخصصة تماما لإنحناءات روحي ..
والنوم .... في مكان اقرب ... الى السماء ..
حيث تسكن الملائكة .. و توجد الإجابات الكاملة لجميع تساؤلاتنا ...


***************************************************


دوما يدهشني الطيران .. في مركب حديدي عملاق يصطف الراكبون كقطع ورق عنب متراصة ...
يحاول كل منهم الا يلتصق بالاخر
ينعدم الوقت وتتغير معالم المكان ... ساعات من العمر تختفي ... و اماكن كثيرة نخترقها بلا ادني شعور ...
و نحن مشغولون بمشاهدة فلم ما ..
أو منهمكون بتناول وجبة تتكون من اكثر ما يمكن في مساحة صحن صغير جدا ..
في حيز من الفراغ في السماء ...
تغرب شمس بلا كتف بحر لتبكي عليه ...
و نغفو نحن المسافرون بمفردنا على كتف النافذة .. لنصل بعد وقت لا ندري كيف حسابه الى مكان ما ...
و طن ما .. شخص ما ...
ليكون في استقبال وحدتنا حضن دافئ لإبتسامة نعرفها ...
او غربة صامتة لمدينة لا تعرفنا ..

****************************************************


تتجلى السما كلوحة ربانية كبيرة ،
تفترش ارضها الغيوم القطنية الناعمة
صمت مطبق .... يلف الغيم ...
حتى تكاد تسمع من بعيد ... صوت الجنة ...
و تسكب الشمس اخر خيوطها ... خلف الرداء الضبابي..
تفترش الملائكة الغيوم ... و تغفو
متدثرة بالدفء الرباني الكبير
لتتناسى هموم البشر ... و مشاكلهم الكثيرة ... و حروبهم الغير مبررة ...
و تغفو ..


***********************************************


في طائر حديدي عملاق ، لا شئ يعلقنا في الجو سوى مسائل حسابية معقدة ....
 حيث لا شيئ يرى من النافذة مهد أبيض ..
وغيوم طفلة متفرقة هنا و هناك تلتقي زرقة السماء مع الافق .. و تبدو الا نهاية بعيدة جدا ...
بعيدا عن الحدود الدولية و جوازات السفر ...
و في نقطة ما من هذا الكون الواسع ... في هذا المكان
سمعت صرخة الحياة .. لطفلة ... شائت الأقدار أن تأتي الى الحياة في الجو ...
لتعيش ساعات قليلة من انعدام الهوية ...
مكان الولادة .. السماء ...
لتهبط الطائرة بعد عدة ساعات و تبدأ القوانين الأرضية محاولة التحقق في أي حقل جوي خرجت لإصدار وثيقة ولادة ....
لم ترد تلك الطفلة أن تعنون ...
كل ما أرادته كان أن تكون ... طفلة العالم التي هبطت من السماء ...