Mar 26, 2014

لأن من نحبهم ... لا يرحلون


 لأن الموت كما الولادة جزء من هذه الحياة , كتبت هذه السطور أثناء محاولة تأملية لتقبل الجانب المشرق من الفقد , وذلك أثناء رحلة العودة الى الوطن , لحضور جنازة جدتي حبيبتي ( أم شفيق ) تغمدها الله بواسع رحمته .

في الطائرة .. صومعتي العالية ...
أعود هذه المرة الى البيت ... ولكنه ... ليس تماما هو البيت ...
يغلفني الحنين ...
الى بيتي البعيد ..
حضن والدتي ... وقبلات جدتي ...
بيتهم الحجري المغطى بجذوع النخيل ...

طفولتي ...
وذكريات حياة .. كانت وماعادت ..

جدتي ..
امتدادي الروحي ..

ربما لم استطع فهمها تماما في مرضها ..
ولكني أظن أني أفهمها اليوم .. أكثر من أي يوم آخر ..

وكأن امتداد روحها يكبر بداخلي .. كلما نمت شجرة الحكمة بداخلي ..
ليثمر الرضى ..و الإيمان ... والحب ...


لا تستحضرني الكثير من الذكريات .. 
وكأن سنواتي السبعة عشر قبل مرضها اختُزلت في صندوق ذكريات صغير ..
أفتحه بين الحين والحين .. لتنساب منه موسيقى ناعمة ...
تعاد في كل مرة ..

وكأنني لا أستطيع الانتقال الى خلايا اخرى في عقلي واستحضار ذكريات اضافية ...
 أو وكأن هذه الذكريات كافية لتأخذني الى عالم لا متناه من الدفء الأمومي ...



رائحة الخبز العربي الطازج وهي تشجعتي على التهامه وأنا طفلة..
رائحة السيوية في الصباح ...
والماء الدافئ في البركة الصغيرة ...
وهي تلقي الينا بالتفاح البلدي الصغير .. ونحن نغوص في قاع البركة الصغيرة لإلتقاطه ...

ذكرياتي مع مشروع التفصيل .. حين ساعدتني لخياطته على مكينة الخياطة السوداء ...

صوتها الهادئ...
عيناها الراضيتان ...
وقبلاتها المبللة ...

ذكريات ... تدغدغ قلبي بالحنان ...
بالحنين
وبالبكاء  ...

لأفتح صندوق قلبي .. وتنساب الذكريات ...
كلما اشتقت للحنان ..